Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - HR  - IT  - PT ]

كلمة قداسة البابا فرنسيس

صلاة التبشير الملائكي

02 يونيو / حزيران 2013

بساحة القديس بطرس

[Multimedia]

الأخوة والأخوات الأحباء! صباح الخير!

احتفلنا يومالخميس المنصرم بعيد "جسد الرب"، والذي يُحتفل به في إيطاليا وبلدان أخرى يوم الأحد هذا. إنه عيد الإفخارستيا، سر جسد ودم المسيح.

يخبرنا الإنجيل عن حدثمعجزة الخبز (لو 9، 11- 19). أودُّ التوقف عند إحدى النقاط التي تستوقفني دائما وتجعلني أفكر. فالحدثيتمّ عند شاطئ بحيرة الجليل، وقد أخذ النهار يميل؛ ويسوع يقلق على الجمع الذي معه منذ ساعات طويلة: إنهم بالآلاف، وهم جائعون. ما العمل؟ التلاميذ أنفسهم يطرحون المشكلة، ويقولون ليسوع "أصرِف الجمع"، كي يذهبوا إلى القرى والمزارع المجاورة فيجدوا لهم طعاما"، لكنَّ يسوع يقول لهم: "أعطوهُم أنتم ما يأكلون"(الآية 13). فيشعر التلاميذ بالحيرة،ويجاوبوه: "إن ما لدينا لا يزيدُ عنخمسة أرغفة وسمكتين"، وكأنهم يقولون: إنه بالكد ما قد يكفي لنا.

كان يسوع يعلم جيدا ما يجب فعله، لكنه أراد أن يُشرك تلاميذه، يريد أن يُعلِّمهم. فتصرّفهم هو تصرف إنساني، يبحث عن الحل الأكثر واقعية، والذي لا يسبب مشاكل كثيرة: أصِرف الجمع - يقولون-، كي يتدبر كل واحد أمره. فقد قمتَ بالفعل بالكثير من أجلهم: لقد وعظتَ، وشفيتَ المرضى... أصِرف الجمع!

أما تصرّف يسوع فهو مختلف تماما، وهو مستوحى من اتحاده مع الآب ومن شفقته على الجمع، إنها رحمة يسوع تجاهنا جميعا: فيسوع يشعر بمشاكلنا، ويعرف ضعفانا، ويشعر باحتياجاتنا. أمام الأرغفة الخمسة، فكّر يسوع: إنها العناية الإلهية! فمن هذا القليل، يمكن لله أن يوفر ما هو ضروري للجميع. يتكّل يسوع بالكامل على الآب السماوي، واثقا في أنه يستطيع كل شيء. ولهذا يطلب من الرسل أن "يجلسوا الجمع في مجموعات، كل مجموعة نحو الخمسين- والأمر هنا ليس مصادفة، لأن هذا يعني أنهم ليسوا بعد الآن جمعًا، بل قد تحوّلوا إلى جماعة تتغذى من خبز الله. ومن ثم يأخذ الأرغفة والسمكتين، ويرفع عينيَه نحو السماء، ثم باركها - وهنا إشارةواضحة إلى الإفخارستيا-، ثم يقسمهم ويبدئ في إعطائهم لتلاميذه ليقدِّموا للجمع… فيشبع الجمع من الخمس خبزات والسمكتين! ها هي المعجزة: أكثر من التكثير هي المشاركة، التي ينعشها الإيمان والصلاة. فالجميع قد أكلوا وشبعوا حتى فاض عنهم: وفي هذا إشارة ليسوع، خبز الله للبشرية.

إنالرسل قد رأى ولكنهم لم يفهموا الرسالة جيدا. فقد فرحوا، وامتلأوا بالحماسكبقية الجمع. فهم مرة أخرى يتبعون المنطق البشري، وليس منطق الله، أي الخدمة، المحبة والإيمان. يدعونا عيد "جسد الرب" للارتداد نحو الإيمان بالعناية الإلهية، لتعلم تقاسم قليلنا، القليل الذي نملكه، وعدم الانغلاق على أنفسنا. لنطلب من العذراء مريم  أمنا أن تساعدنا في هذه التوبة، كي نتبع حقا يسوع أكثر، يسوع الذي نعبده في الإفخارستيا.

بعد صلاة التبشير الملائكي

لا يزال قلقي حيا ومتألمابسبب استمرار النزاع، الذي منذ أكثر من عامين يشعل سورية،ويصيب خصوصا السكان العزّل، والذين يتوقون للسلام في العدالة والتفاهم. إن وضع الحرب المأسوي هذا يحمل معه تبعات كارثية: موتا، ودمارا، وأضرارا اقتصادية وبيئية جمة، وكذلك آفة اختطاف الأشخاص. ففي شجب هذه الأفعال، أؤكد صلاتي وتضامني مع الأشخاص المخطوفين ومع عائلاتهم، وأُناشد إنسانية الخاطفين كي يفرجوا عن الضحايا. لنصلي دائما من أجل سورية الحبيب.

يوجد في عالم اليوم نزاعات عديدة، ولكن هناك أيضا علامات رجاء كثيرة. أودُّ تشجيع الخطوات الأخيرة التي حُققت نحو المصالحة والسلامفي عدة بلدان بأمريكا اللاتينية. فلنراقهم بالصلاة.

لقد احتفلت، صباح اليوم، بالقداس الإلهي مع بعض العسكرين ومع أهالي بعض الذين سقطوا في مهام حفظ السلام، والذي يجتهدون في دعم المصالحة والسلام في البلدان التي يراق فيها الدم الأخوي أثناء حروب، حروب هي دائما عبثية. لأننا "بالحرب نفقد كل شيء. بالسلام نربح كل شيء". أطلب الصلاة من أجل الذين انتقلوا، ومن أجل الجرحى وعوائلهم.

فلنصلي سويا، الآن، في صمت، وفي القلب - كلنا معا- من أجل الذين انتقلوا، ومن أجل الجرحى وعوائلهم. في صمت.

أحيي المؤمنين القادمين من كندا ومن كرواتيا ومن البوسنة والهرسك، وكذلك مجموعة كوتولينيوCottolengo الصغير من جنوة (Genova)، من أعمال الأب أوريونOrione.

أحيي الجميع: أحد مبارك لكم جميعا، وغداء هنيئا!

 

© جميع الحقوق محفوظة 2013 – حاضرة الفاتيكان



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana